إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية
133505 مشاهدة
العلاج بالرقى للأمراض النفسية

سؤال: هل المؤمن يمرض نفسيًّا? وما هو علاجه في الشرع علمًا بأن الطب الحديث يعالج هذه الأمراض بالأدوية العصرية فقط؟
الجواب: لا شك أن الإنسان يصاب بالأمراض النفسية: بالهم للمستقبل، والحزن على الماضي، وتفعل الأمراض النفسية بالبدن أكثر مما تفعله الأمراض الحسية البدنية، ودواء هذه الأمراض بالأمور الشرعية -أي الرقية- أنجح من علاجها بالأدوية الحسية كما هو معروف.
ومن أدويتها الحديث الصحيح عن ابن مسعود -رضي الله عنه- إنه ما من مؤمن يصيبه هم أو غم أو حزن فيقول: اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي؛ إلا فرج الله عنه فهذا من الأدوية الشرعية، وكذلك أيضًا أن يقول الإنسان: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ومن أراد مزيدًا من ذلك فليرجع إلى ما كتبه العلماء في باب الأذكار: كـالوابل الصيب لابن القيم والكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية والأذكار للنووي وكذلك زاد المعاد لابن القيم
لكن لما ضعف الإيمان ضعف قبول النفس للأدوية الشرعية، وصار الناس الآن يعتمدون على الأدوية الحسية أكثر من اعتمادهم على الأدوية الشرعية، ولما كان الإيمان قويًّا كانت الأدوية الشرعية مؤثرة تمامًا، بل إن تأثيرها أسرع من تأثير الأدوية الحسية، ولا يخفى علينا جميعًا قصة الرجل الذي بعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- في سرية، فنزلوا على قوم من العرب، ولكن هؤلاء القوم الذين نزلوا لم يضيفوهم، فشاء الله -عز وجل- أن لدغ سيد القوم -لدغته حية- فقال بعضهم لبعض: اذهبوا إلى هؤلاء القوم الذين نزلوا، لعلكم تجدون عندهم راقيًا، فقال الصحابة لهم: لا نرقي على سيدكم إلا إذا أعطيتمونا كذا وكذا من الغنم. فقالوا: لا بأس، فذهب أحد الصحابة يقرأ على هذا الذي لدغ، فقرأ سورة الفاتحة فقط، فقام هذا اللديغ كأنما نشط من عقال، وهكذا أثرت قراءة الفاتحة على هذا الرجل؛ لأنها صدرت من قلب مملوء إيمانًا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن رجعوا إليه: وما يدريك أنها رقية .
لكن في زماننا هذا ضعف الدين والإيمان، وصار الناس يعتمدون على الأمور الحسية الظاهرة، وابتلوا فيها في الواقع.
ولكن ظهر في مقابل هؤلاء القوم أهل شعوذة، ولعب بعقول الناس ومقدراتهم وأموالهم، يزعمون أنهم قراء بررة، ولكنهم أكلة مال بالباطل، والناس بين طرفي نقيض: منهم من تطرف ولم ير للقراءة أثرًا إطلاقًا، ومنهم من تطرف ولعب بعقول الناس بالقراءة الكاذبة الخادعة، ومنهم الوسط .